مواقيت الصلاة
الفجر : 05:21
الشروق : 06:39
الظهر : 11:37
العصر : 14:16
المغرب : 16:54
العشاء : 17:49
منتصف الليل : 22:54
الإمساك : 05:12
X
X
الاعلان

الركوع والسجود

الركوع والسجود

الركوع والسجود

الركوع:
الركوع ركن من أركان الصلاة، والركن كما هو معلوم تبطل الصلاة بزيادته أو نقصه عمدًا أو سهوًا. وكلمة "ركعة" التي تستخدم في عدد ركعات الصلاة مشتقّة من الركوع. ورد أنّ قبيلة بني ثقيف طلبت من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حين أمرهم بالصلاة أن لا يركعوا، فقالوا: لا ننحني فإنّ ذلك سبّة علينا، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا خير في دين ليس فيه ركوع أو سجود". فنزلت الآية الشريفة: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ1. إنّ كثيرًا من الاشخاص ينحنون أمام بشرٍ أمثالهم ويعظّمونهم، لمجرّد أنّهم سلاطين، بينما المطلوب هو الانحناء والخضوع والتعظيم لله تعالى وحده.

ورد في الخبر أنّه عندما نزلت الآية الكريمة: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ2، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين اجعلوها في ركوعكم وقولوا: "سبحان ربّي العظيم وبحمده"3.

جاء في الروايات أنّ الركوع علامة الأدب، وأنّ السجود علامة القرب، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "لا يركع عبد الله ركوعًا على الحقيقة، إلا زيّنه الله بنور بهائه وأظلّه في ظلال كبريائه، وكساه كسوة أصفيائه، والركوع أول، والسجود ثانٍ، فمن أتى بمعنى الأوّل صلح للثاني، وفي الركوع أدب وفي السجود قرب، ومن لا يحسن الأدب لا يصلح للقرب، فاركع ركوع خاشع لله بقلبه، متذلّل وَجِلٍ داخل تحت سلطانه، خافض له بجوارحه، خفض خائف حزن على ما يفوته من فائدة الراكعين"4. والركوع طريق إلى التوبة والإنابة والاستغفار والاعتذار إلى الله تعالى: ﴿فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ5.

آثار الركوع:
للركوع آثار روحيّة ومعنويّة، دنيوية وآخروية كثيرة، فقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "من أتمّ ركوعه وسجوده لم تدخله وحشة القبر"6. وكلّما أكثر المصلّي ركوعه وسجوده لله تعالى كلّما ازدادت مقاومته للشيطان، فعن إمامنا الصادق عليه السلام أنّه قال: "...وعليكم بطول الركوع والسجود فإنّ أحدكم إذا أطال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه وقال يا ويلتا أطاعوا وعصيت وسجدوا وأبيت"7.

ورد في الأحاديث الشريفة أنّ الله تعالى يُباهي ملائكته بالمؤمن الراكع، فيقول تعالى لملائكته يا ملائكتي أما ترون كيف تواضع لجلال عظمتي، أُشهدكم لأعظّمنه في دار كبريائي وجلالي8. أمّا آثار الركوع في الدنيا فإنّ طول الركوع يؤثّر في طول عمر الإنسان كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام9.

آداب الركوع:
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه ركع وملأ كفيه من ركبتيه منفرجات وردّ ركبتيه إلى خلفه حتّى استوى ظهره، حتى لو صُبّ عليه قطرة من ماء أو دهن لم يزل لاستواء ظهره، ومدّ عنقه وغمض عينيه ثم سبّح...10. وسأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى مدّ العنق في الركوع فقال عليه السلام: "تأويله آمنت بالله ولو ضُربت عنقي.."11.

عن أبي جعفر عليه السلام قال: "إذا أردت أن تركع... وتصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر، وتُمكِّن راحتيك من ركبتيك، وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى، وبلغ بأطراف أصابعك عين الركبة، وفرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك وأقم صلبك ومدّ عنقك وليكن نظرك بين قدميك..."12. ومن آداب الركوع أن يجنح بيديه إلى الخارج لا أن يضمّهما إلى البطن، ويستحبّ تكرار الذكر أثناء الركوع ثلاث مرّات كحدٍّ أقل13، والصلاة على محمّد وآل محمّد بعد قراءة الذكر.

ركوع أولياء الله:
عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "كان عليّ عليه السلام يركع فيسيل عرقه حتى يطأ في عرقه من طول قيامه"14. ونقرأ في خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة أنّ الله تعالى خلق ملائكة منهم راكعون دائمًا لا يقومون. ولا شكّ في أنّ الملائكة لا يتعبون ولا يجوعون، لذلك فإنّ الملائكة تُمجِّد الإنسان العاشق العارف الذي يُطيل في ركوعه. هذه هي حالة أولياء الله تعالى، أمّا نحن فكيف هو حالنا!! جاء في الخبر أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان جالسًا في المسجد، إذ دخل رجل فقام يُصلّي فلم يتمّ ركوعه ولا سجوده، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نقرٌ كنقرِ الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني15. نسأل الله تعالى أن نكون من المصلّين الذين يؤدّون حقّ الصلاة.

السجود
تاريخ السجود: عندما خلق الله تعالى آدم عليه السلام أمر الملائكة أن يسجدوا له حيث قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ16. إنّ ما جرى في قصّة خلق آدم، وسجود الملائكة له، واعتراض إبليس، وتكرار ذكره في القرآن، ليس من باب العبث، لأنّ تكرار الإشارة إلى شيء في القرآن الكريم له دلالاته وله حكمة وسبب، إنّه يقول للإنسان أيّها الإنسان الذي سجَدَت لك جميع الملائكة بأمري، لماذا تُعرض عن السجود لي وأنا خالق السجدة؟! أيّها الإنسان! لقد طردت إبليس بسبب تركه السجود لك، فما بالك تترك السجود لي؟ ماذا تنتظر؟؟... أيُّها الإنسان! إنّ إبليس الذي اعترض ولم يسجد لك، كانت حجّته أن قال أنا خير منه، أنا أفضل منه، خلقته من طين وخلقتني من نار! أمّا أنت الذي لم تكن شيئًا، وخُلِقت من ضعف، وتموت ضعيفًا عاجزًا، فهل لك أن لا تسجد لي تكبّراً وغروراً؟

وعلى أيّ حال، إنّ ما أردنا بيانه هنا، هو أنّ أول أمر إلهي صدر بعد خلق الإنسان هو أمر السجود.

أهمية السجدة:
- السجدة هي أفضل وأعظم حالات الإنسان في مقابل المولى تعالى، وأقرب ما يكون العبد إلى الله سبحانه وهو ساجد، وذلك قوله عزّ وجلّ: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ17.

- السجدة علامة أصحاب الرسول الأوفياء، والرجال الربّانيين الذين ترى آثار السجود في وجوههم وجباههم: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ18.

- السجدة تحقّق تآلفًا وتناغمًا بين الإنسان وبين الوجود، فجميع الموجودات في الكون، وكلّ ما في السماوات والأرض خاضع ساجد لله تعالى: ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ19، ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ20.

- السجدة تجعل الإنسان يتماهى مع الملائكة، فعن الإمام عليّ عليه السلام أنّه ليس من طبقة من السماء إلا وفيها طائفة من الملائكة هم ساجدون21.

- السجدة أعلى درجات العبودية، فالإنسان يضع أعلى نقطة من جسده (الجبهة) على الأرض، ويعفّرِها بالتراب تصاغرًا وتذلّلًا لعظمة الله تعالى وكبريائه.

- السجدة أسمى مقامٍ لأفضل رجال العالمين ونسائهم، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أكرم الخلق وأفضل الرسل قد أُمِر بالسجود، ليس فقط في النهار، بل حتى في الليل: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلً22. كذلك مريم عليها السلام التي هي أفضل نساء عصرها، فقد جاءها الخطاب الإلهي: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي ...23.

- السجدة مرحلة أكمل وأعلى مقامًا من الركوع، فهي تأتي بعده فتوصل المصلّي إلى أوج القرب والخضوع، لذلك ورد السجود والركوع في القرآن في سياقٍ واحدٍ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُو24، وكذلك: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدً25.

- السجدة رمز الإيمان بآيات الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ...26.

- سجدة الليل من علامات عباد الله الصالحين: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ ... وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامً27.

- السجدة زينة الصلاة، لذلك يجب الإتيان بها بأحسن وجه، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه من صلّى وأحسن ركوعه وسجوده أعطاه الله تعالى جزاء سبعمائة صلاة من أمثالها، لا بل أضعاف ذلك28.

- السجدة فخر المؤمن، فالله تعالى يُباهي بها الملائكة، ففي حديث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي به أبا ذر قال: "يا أبا ذر إنّ ربّك عزّ وجلّ يُباهي الملائكة بثلاثة نفر... إلى أن قال: ورجل قام من الليل فصلّى فسجد ونام وهو ساجد فيقول الله تعالى: انظروا إلى عبدي روحه عندي في طاعتي ساجد"29. وفي الخبر أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول وأقبل على أسامة بن زيد فقال: يا أسامة عليك بطريق الحق... إلى أن قال: يا أسامة عليك بالسجود فإنّه أقرب ما يكون العبد من ربّه إذا كان ساجدًا وما من عبد سجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة ومحا عنه بها سيّئة ورفع له بها درجة وباهى به ملائكته30. وقال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: "لو يعلم المصلّي ما يغشاه من جلال الله ما سرّه أن يرفع رأسه من سجوده"31.

- السجدة تمحو روح الأنانية والغرور، وتمحق روح التكبُّر عند الإنسان، فعن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "... والسجود على الأرض أفضل لأنّه أبلغ في التواضع والخضوع له تعالى..."32. وجاء في مسند أحمد بن حنبل أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليعرف أمته يوم القيامة من آثار السجود في جباههم33. وفي الرواية: كان عليّ بن الحسين عليه السلام قاعداً في بيته إذ قرع قوم عليه الباب فقال يا جارية انظري من في الباب. فقالوا قوم من شيعتك، فوثب عجلًا حتّى كاد أن يقع، فلمّا فتح الباب ونظر إليهم فرجع، وقال: كذبوا فأين السمت في الوجوه أين أثر العبادة أين سيماء السجود، إنّما شيعتنا يُعرفون بعبادتهم وشعثهم قد قرحت منهم الآناف ودثرت الجباه والمساجد34. وفي الخبر أنّ مواضع السجود في الدنيا تشهد للمصلّي يوم القيامة بأنّه كان من العابدين. وقال صلوات الله عليه: "إنّ الأرض التي يسجد عليها المؤمن يُضيء نورها إلى السماء"35، هذا مضافًا إلى أنّ طول الركوع والسجود يوجب بقاء النعمة وطول العمر كما مرّ في الحديث الشريف.

- السجدة تحطّ الذنوب وتوجب الجنة، ففي الحديث أنّه جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله كثرت ذنوبي وضعف عملي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أكثر السجود فإنّه يحطّ الذنوب كما تحطّ الريح ورق الشجر36. وعن رسول الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل أنّه قال لرجل: "...وإذا أردت أن يحشرك الله معي فأطل السجود بين يدي الواحد القهّار"37. وقال لرجل آخر يطلب الجنة: "... يا عبد الله أعنّا بطول سجودك"38.

ويكفي أن نعلم في أهمية السجود أنّ المولى تعالى طلب من رسوله العظيم إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ39.

في السجدة رموز وأسرار:
سُئل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى السجود، فقال: معناه منها خلقتني يعني من التراب ورفع رأسك من السجود معناه أخرجتني، والسجدة الثانية، وإليها تُعيدني، ورفع رأسك من السجدة الثانية ومنها تُخرجني تارة أخرى، ومعنى قوله سبحان ربّي الأعلى فسبحان أنفة لله، وربّي خالقي، والأعلى أي علا وارتفع في سماواته، حتى صار العباد كلّهم دونه وقهرهم بعزّته، ومن عنده التدبير وإليه تعرج المعارج40.

ويُبيّن الإمام الصادق عليه السلام علّة مكان موضع السجود، وعلّة عدم جواز السجود إلا على الأرض، أو على ما أنبتت الأرض، إلا ما أكل أو لبس فيقول عليه السلام: "لأنّ السجود خضوع لله عزّ وجلّ فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل أو يلبس، لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله عزّ وجلّ، فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغترّوا بغرورها"41. وفي كلام بليغ لأمير المؤمنين عليه السلام يظهر فيه فلسفة السجود، قال: السجود الجسماني: وضع عتائق الوجوه على التراب، واستقبال الأرض بالراحتين والركبتين، وأطراف القدمين، مع خشوع القلب وإخلاص النية. السجود النفساني فراغ القلب من الفانيات، والإقبال بكنه الهمّة على الباقيات، وخلع الكبر والحمية، وقطع العلائق الدنيوية، والتحلّي بالأخلاق النبوية42.

ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "فاسجد سجود متواضع ذليل علم أنّه خُلق من تراب يطأه الخلق، وأنه رُكِّب من نطفة يستقذرها كلّ أحد، وكون ولم يكن، وقد جعل الله معنى السجود سبب التقرَّب إليه بالقلب والسر والروح، فمن قرُب منه بعُد عن غيره، ألا ترى في الظاهر أنّه لا يستوي حال السجود إلا بالتواري عن جميع الأشياء، والاحتجاب عن كلّ ما تراه العيون، كذلك أراد الله تعالى أمر الباطن، فمن كان قلبه متعلَّقا في صلاته بشيء دون الله، فهو قريب من ذلك الشيء، بعيد عن حقيقة ما أراد الله منه في صلاته"43.

أمّا علّة سجدة السهو لجبران ما سها به المصلّي من زيادة أو نقصان، فنقرأ في الحديث أنّ إبليس يُشتّت حواس المصلّي وذهنه أثناء الصلاة، فيوجد خللاً فيها، لذلك وجب على المصلّي أن يأتي بسجدتي السهو بعد الصلاة، ليمكن أنفه من الأرض ويمرغه بالتراب، ليعلم أنّ أيّ زلل أو سهو حاصل يجب أن يسجد لله تعالى ثانية44.

آداب السجدة:
في ما يأتي إشارة مختصرة إلى آداب السجود الواردة في الروايات45: إذا سجد المصلّي وضع يديه قبل ركبتيه وإذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه. كذلك وضع الكفّين على الأرض مبسوطتين في مقابل الأذنين، ولا يلصق كوع يديه بالأرض، بل يجنح بمرفقيه ويتفتح كجناح الطائر، (أما المرأة فيستحبّ أن تضمّ نفسها إذا سجدت) وأن يُصيب أنفه ما يُصيب جبهته من التعفّر، وإذا جلس يجلس على يساره وليس على يمينه، بأن يضع ظاهر رجله اليمنى على باطن رجله اليسرى، لأنّ اليمين رمز الحقّ واليسرى رمز الباطل.

مضافًا إلى الذكر الواجب عند السجود، يُستحبّ أن يُصلّي على محمّد وآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يدعو ويبكي من خشية الله تعالى، وإذا جلس من السجود كبّر ورفع يديه.

السجود على تربة كربلاء:
أشرنا من قبل إلى أنّه يُشترط في سجود الصلاة أن يكون على الأرض وما أنبتت بشرط أن لا يكون من المأكول والملبوس. وعليه يجوز السجود على التراب والحجر والخشب وغير ذلك ممّا يمكن عدّه من الأرض أو نباتها. هذا ولكنّ السجود على تربة الإمام
الحسين عليه السلام له امتياز على جميع المواضع، فالإمام الصادق عليه السلام لم يكن يسجد إلا على تربة الإمام الحسين عليه السلام46. وقد ورد في الروايات أنّه يخرق الحجب السبع، ويُنير إلى الأرضين السبع47. والصلاة مع السجود على تربة الإمام الحسين عليه السلاممرفوعة ومقبولة، وترتقي بالمصلّي من قعر المادّيات وتصبغه بصبغة الجهاد ودماء الشهداء.

فالسجود على تربة الإمام الحسين عليه السلام يرمز إلى الجمع بين الصلاة والولاية، وبينها وبين الشهادة. وهو يعني تكريم ذكرى الشهادة وإعلاء قيمة الدماء التي بُذلت في سبيل الصلاة... السجود على تربة الإمام الحسين عليه السلام يعني أنّ كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء، يعني الجهاد ومقاومة الظلم، ويعني ترجيح الموت مع العزّ على الحياة مع الذلّ.
وإنّ مزار الإمام الحسين عليه السلام وبقعته روضة من رياض الجنة، وباب من أبوابها. فقد ورد في الروايات أنّ الدعاء تحت قبّته مستجابٌ عند الله تعالى، والصلاة في حرمه مقبولة. أمّا تربته ففيها الشفاء والأمان من كلّ خوف48.

وفي معرض بيان ثواب التسبيح بسبحة من تربة الإمام الحسين، يقول الإمام الصادق عليه السلام: "من أدار سبحة من تربة الإمام الحسين عليه السلام مرّة واحدة بالاستغفار أو غيره، كتب الله له سبعين مرّة"49. وعنه صلوات الله عليه أنّه قال: "ومن كان معه سبحة من طين قبر الحسين عليه السلام كُتب مسبّحًا وإن لم يُسبّح بها.."50 والأخبار الواردة في فضل تربة الإمام الحسين عليه السلام كثيرةٌ لا مجال لاستعراضها في هذا الكتاب. وأخيرًا لا بدّ من الإشارة إلى ورود روايات عدّة تؤكّد أنّ حدود ما يُسمّى بتربة الحسين عليه السلام هو أربعة أميال حول القبر من الجهات الأربع51.

سجدة الشكر:
لا يختصّ السجود بالصلاة وحدها، بل هو عملٌ عباديٌّ مستقلٌّ، وقد يجب في بعض الحالات خارج إطار الصلاة، مثلاً يجب السجود عند تلاوة أو سماع آيات السجود من سور العزائم. والسجود في بعض الموارد مستحبٌّ ومنه ما يُعرف بسجود الشكر، فقد ورد في عدد من الروايات والأخبار عن أهل البيت عليها السلام استحباب السجود عند تجدّد النعم على الإنسان. وهي من ألزم السنن وأهمّها، فقد ورد أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا جاءه أمر يسرّه أو بُشِّر به خرّ ساجدًا شكرًا لله تعالى52.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا ذَكَر أحدكم نعمةَ الله عزّ وجلّ فليضع خدّه على التراب شاكرًا لله، وإن كان راكبًا فلينزل فليضع خدّه على التراب، وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خدّه على قربوسه، فإن لم يقدر فليضع خدّه على كفّه، ثم ليحمد الله على ما أنعم عليه"53. وعنه عليه السلام قال: "إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في سفر يسير على ناقة له، إذا نزل فسجد خمس سجدات فلمّا أن ركب قالوا: يا رسول الله إنا رأيناك صنعت شيئًا لم تصنعه؟ فقال نعم استقبلني جبرائيل عليه السلام فبشّرني ببشارات من الله عزّ وجلّ، فسجدت لله شكراً لكلّ بشرى سجدة"54.

هذه الروايات وغيرها تظهر بوضوح أهمية سجدة الشكر، وأنّها سنة شريفة، فقد ورد عن صاحب العصر والزمان الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في جوابه على رسالة بعثها إليه محمد بن عبد الله الحميري يسأله عن سجدة الشكر، قال: "سجدة الشكر من ألزم السنن وأوجبها"55. أمّا عن الذكر في هذه السجدة، فقد ذكر أنّ أيّ ذكر يجزي، غير أنّ الروايات أكّدت على ذكر "شكراً لله" و"الحمد لله"، مضافًا إلى طلب العفو والاستغفار، والشكر على نعمة الولاية والأنعام الإلهية الأخرى. جاء في الحديث القدسي أنّ من سجد لله شكراً شكره الله تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ56. والجدير ذكره أنّ سجدة الشكر ليس لها زمان ومكان خاص، غير أنّ أفضل أوقاتها بعد الصلاة الواجبة، يأتي بها المصلّي كتعقيب من تعقيبات الصلاة.

بركات سجدة الشكر:
ورد في الأحاديث والروايات أنّ لسجدة الشكر بركاتٍ وآثارًا عظيمة، نشير إلى بعضها باختصار:
من بركات سجدة الشكر أنّها تجبر النقص في الصلاة الواجبة في حال لم تجبر بالنوافل، وفيها رضا الرب، فعن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: "من سجد سجدة الشكر وهو متوضّئ، كتب الله له بها عشر صلوات ومحا عنه عشر خطايا عظام"57. ومن آثار سجدة الشكر أنّها تُزيل الحجاب ما بين العبد والملائكة، والدعاء فيها مستجاب. قال الإمام موسى بن جعفر عليه السلام يوصي بها أحد أصحابه: "فلا تدعها فإنّ الدعاء فيها مستجاب"58.

ويكفي في بركات سجدة الشكر وعظمتها وقدرها أنّ الله تعالى يُباهي بها الملائكة، فعن أبي عبد الله عليه السلام في كلام جامع أنّه قال: "سجدة الشكر واجبة على كلّ مسلم تتمّ بها صلاتك، وتُرضي بها ربّك وتعجب الملائكة منك، وإنّ العبد إذا صلّى ثم سجد سجدة الشكر، فتح الرّب تعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أدّى فرضي وأتمّ عهدي ثم سجد لي شكرًا على ما أنعمت به عليه. ملائكتي! ماذا له؟ قال: فتقول الملائكة: يا ربّنا رحمتك، ثم يقول الربّ تبارك وتعالى: ثم ماذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربّنا جنّتك، فيقول الربّ تبارك وتعالى: ثم ماذا؟ فتقول الملائكة: يا ربّنا كفاية مهمّه، فيقول الربّ تبارك وتعالى: ثم ماذا؟ قال: فلا يبقى شيء من الخير إلا قالته الملائكة، فيقول الله تبارك وتعالى: يا ملائكتي ثم ماذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربّنا لا علم لنا. قال: فيقول الله تبارك وتعالى: أشكر له كما شكر لي، وأُقبل إليه بفضلي وأُريه وجهي"59.

سجود أولياء الله:
ورد عن أبي عبد الله عليه السلام لِمَ اتّخذ الله إبراهيمَ خليلًا؟ قال: "لكثرة سجوده على الأرض"60.

لمّا أراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الهجرة إلى المدينة، بعدما عزم المشركون واجتمعوا على قتله، فدى أميرُ المؤمنين عليه السلام رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه، وبات على فراشه، في تلك الليلة سأل الإمام عليّ عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "أوتسلم بمبيتي هناك يا نبيّ الله؟ قال: نعم" فتبسّم عليّ عليه السلام ضاحكًا وأهوى إلى الأرض ساجدًا فنام على فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم61.

جاء في الروايات أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أُتِي برأس أبي جهل سجد شكرًا لله62. وكان عليّ عليه السلام إذا سجد سجدة الشكر غشي عليه63.

قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام: "إنّ أبي - عليّ بن الحسين عليه السلام - ما ذكر لله عزّ وجلّ نعمةً عليه إلا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله عزّ وجلّ فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله عنه سوءًا يخشاه أو كيدَ كائدٍ إلا سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، ولا وُفِّق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسُمِّي السجّاد لذلك"64. ويذكر أنّه عليه السلام كان يسقط منه كل سنة سبع ثفنات من مواضع سجوده لكثرة صلاته، وأنه كان يعرق لطول سجوده65.

وقد ورد أنّ الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام كان يُصلّي نوافل الليل، ويصلها بصلاة الصبح، ثم يُعقّب حتى تطلع الشمس، ويخرّ ساجدًا لله تعالى، فلا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتى يقرب زوال الشمس66.

بضع نقاط للتأمّل:
من بركات موضع السجود ما جاء على لسان أهل البيت عليه السلام، فعن عليّ عليه السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد الانصراف عن الصلاة مسح جبهته بيده اليمنى ثم يقول: "اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة اللهم أَذهِب عنّا الهمّ والحزن والفتن ما ظهر منها وما بطن". وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أحدٌ من أمّتي فعل ذلك إلا أعطاه الله عزّ وجلّ ما سأل"67.

السجود لله شكرًا - بعد صلاة المغرب - فإنّ الدعاء فيها مستجابٌ68. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لأصحابه من سجد بين الأذان والإقامة فقال في سجوده سجدت لك خاضعًا خاشعًا ذليلًا، يقول الله: ملائكتي وعزّتي وجلالي لأجعلنّ محبّته في قلوب عبادي المؤمنين وهيبته في قلوب المنافقين"69.

السجود لله فقط، فلا ينبغي لأحدٍ أن يسجد لأحدٍ من دون الله، ويخضع له كخضوعه لله، ويعظّمه بالسجود له كتعظيمه لله،70 حتى عند قبور الأئمة والأولياءعليه السلام. لا يجوز السجود لغير الله، حتّى للنبي والأئمة عليه السلام.

عندما هاجر المسلمون بقيادة جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة، لحق بهم المشركون بقيادة عمرو بن العاص، فلمّا حضروا بين يدي النجاشي ملك الحبشة، أقبل عمرو بن العاص وسجد بين يدي الملك، وأمّا جعفر بن أبي طالب فلم يسجد، بل قال للملك نحن المسلمون لا نسجد لأحد سوى الله تعالى71.

عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "أمّا سجود يعقوب وولده فإنّه لم يكن ليوسف إنّما كان ذلك منهم طاعة لله وتحية ليوسف، كما كان السجود من الملائكة لآدم، ولم يكن لآدم إنّما كان ذلك منهم طاعة لله وتحية لآدم. فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكرًا لله لاجتماع شملهم ألا ترى أنّه يقول في شكره في ذلك الوقت ربّ قد آتيتني من الملك"72. وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لم يكن سجودهم يعني الملائكة لآدم إنّما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه لله عزّ وجلّ"73.

* كتاب شرح الصلاة


1- سورة المرسلات: الآية 48. انظر: بحار الأنوار، ج 82، ص 100.
2- سورة الواقعة: الآية 74.
3- جامع أحاديث الشيعة، ج 2، ص 924.
4- بحار الأنوار، ج 82، ص 108.
5- سورة ص: الآية 24.
6- وسائل الشيعة، ج 4، ص 928.
7- وسائل الشيعة، ج 4، ص 928.
8- انظر: جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 203.
9- وسائل الشيعة، ج 4، ص 928.
10- وسائل الشيعة، ج 4، ص 942، وانظر: جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 230.
11- وسائل الشيعة، ج 4، ص 942.
12- المصدر نفسه.
13- للمزيد من مطالعة حول آداب الركوع، انظر: وسائل الشيعة، ج 4، ص 920- 943.
14- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 200.
15- وسائل الشيعة، ج 4، ص 922.
16- سورة الحجر: الآية 28- 35، بالتأكيد السجود لله تعالى فقط، والإنسان لم يكن سوى قبلة الملائكة، فكان سجودهم عبودية لله سبحانه.
17- سورة العلق، الآية 19.
18- سورة الفتح: الآية 29.
19- سورة النحل: الآية 49.
20- سورة الرحمن: الآية 6.
21- انظر: نهج البلاغة، خ 91.
22- سورة الإنسان: الآية 26.
23- سورة آل عمران: الآية 43.
24- سورة الحج: الآية 77.
25- سورة الفتح: الآية 29.
26- سورة السجدة: الآية 15.
27- سورة الفرقان: الآية 63- 64.
28- بحار الأنوار، ج85، ص139.
29- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 233.
30- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 226.
31- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 226.
32- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 258.
33- انظر: مسند أحمد، ج 4، ص 189.
34- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 232.
35- الشيخ النوري، مستدرك الوسائل، ج 4، ص 485.
36- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 227.
37- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 227.
38- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 227.
39- سورة الحج: الآية 26.
40- بحار الأنوار، ج 82، ص 139.
41- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 258.
42- مستدرك الوسائل، ج 4، ص 486.
43- مستدرك الوسائل، ج 4، ص 482 – 483.
44- الوافي، ج8، ص992.
45- انظر: وسائل الشيعة، ج 4، ص 950 – 980، حول آداب السجود.
46- مستدرك سفينة البحار، ص 474.
47- انظر: الإمام الخميني، تحرير الوسيلة، ج 1، ص 149.
48- وسائل الشيعة، ج14، ص537.
49- الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص 302، وسائل الشيعة، ج 6، ص 456.
50- من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 174، باب 40.
51- انظر: كامل الزيارات، باب 89.
52- ابن طاووس، الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، ص542. نقلا عن صحيح مسلم، ج1، ص496.
53- وسائل الشيعة، ج 7، ص 19.
54- الكافي، ج 2، ص 98.
55- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 453.
56- سورة إبراهيم: الآية 7.
57- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، ص 456.
58- بحار الأنوار، ج 83، ص 195.
59- بحار الأنوار، ج 83، ص 205.
60- وسائل الشيعة، ج 4، ص 1074.
61- الوافي، ج 8، ص 882.
62- جامع الأحاديث، ج 5، ص 475.
63- جامع الاحاديث، ج5، ص459.
64- وسائل الشيعة، ج 7، ص 21.
65- جامع الأحاديث، ج 5، ص 229.
66- بحار الأنوار، ج 83، ص 230- 231.
67- جامع الأحاديث، ج 5، ص 410.
68- وسائل الشيعة، ج 4، ص 986.
69- وسائل الشيعة، ج 4، ص 6330.
70- وسائل الشيعة، ج 4، ص 686.
71- انظر: مسند أحمد، ج 1، ص 461، وابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج 46، ص 126.
72- وسائل الشيعة، ج 4، ص 986.
73- المصدر نفسه.

| 10463 قراءة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد